×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

أماكن تجتذب عشاق ماضيها

أماكن تجتذب عشاق ماضيها
سعيد بن رافع ـ تنومة القضية ليست ترفيها، وإنما ذاكرة التماس المكان من أجل استرجاع مواقف وحكايات من الماضي، هنا أمضيت الليل متوسدا هذا الحجر، وهنا أشعلت النار والحطب، وأوقدت ناري من أجل الطعام، هنا نلتمس نسائم أحبتنا، منهم من غادر وآخرون أقعدهم المرض ومنهم ما زال يشاطرنا المكان.
هم كبار السن لكن لهم قلوبا تنبض بالشباب، لم يعتزلوا أحدا وربما شاركهم صغار السن وقاسموهم الأنفاس وتلك الذاكرة.
هؤلاء أصحابي
سعيد سالم الحربي (89 عاما) قال: كل خميس أجهز أغراضي والاحتياجات الضرورية، و أتوجه إلى هذا المكان حيث أجتمع وبعض أصدقائي، كان لنا موعد محدد منذ 51 عاما، واستمر الحال إلى أن غيب الموت بعضهم وغيبت ظروف الحياة البعض الآخر.
منهم صديقي (أبو ياسر) ما زال باقيا ويتواصل معي حتى الآن، إلا أنه ابتعد إلى القريات برفقة ابنته التي تم تعيينها هناك، ولعلي أذكر عبارته «لا أدري نلتقي أم لا»، كما أن صديقي وقريبي (أبو محمود) هو الآخر اضطر للعودة إلى قريته منذ ما يقارب أربعة أعوام، بعدما ساءت أحواله المادية، باع بيته حزنا ورفض البقاء بعد وفاة ابنه هروبا من تحمل المكان الذي ولد فيه ابنه وترعرع، عاد إلى قريته وبيته الأول، فقد كان طباخ الطلعة والرحلة، لقد توفي قبل حوالي تسعة أشهر وكان هو آخر صديق، ومنذ أربعة أشهر أصبحت وحدي من يأتي إلى هنا لكي أشتم رائحة أحبابي.
الحصون والخبزة
في حين لا يجد رافع زارع سعد الشهري (80 عاما) نفسه إلا في ذلك الموقع المرتفع من قرية الحصون والتابعة لمركز تنومة، حيث قال: هذه القرية عشت فيها كل عمري تقريبا، ولا يمكن أن يمر يوم إلا وأعرج عليها.
هنا أستذكر (الحصون) التي هي عبارة عن بناء لخزن (الحبوب) أي مستودعا بعد الحصاد، و هي مقسمة إلى أوان من الصخور يتم ملء هذا الإناء الصخري بالكامل من الحب ثم يغطى بالطين، ويترك هكذا بحيث يتم عزله عن الهواء ويظل الحب بهذه الصورة لا يمكن أن يتلف أبدا ولا يأتيه السوس، وكانت مزارع الذرة والبر تنتشر على مسافة طويلة من هذا الوادي ومن أجمل تلك الأيام حينما يأتي يوم الحصاد بالذات يأتي صاحب المزرعة إلى المصلى ويطلب العون من الناس، فيهب إليه الجميع من أجل جمع الذرة رجالا ونساء، أما يوم حصاد البر فهذا لا يتولى حصاده إلا النساء، والسبب أن البر يحتاج إلى انحناء طيلة المسافة المزروعة وهذا بمقدور النساء عليه نظرا للين عظامهن، وأذكر أنه في هذا المكان كانت تصنع الخبزة، ويتم إعدادها من البر، يطحن أولا ثم تعجن ويتم تجهيزها بالخمير، بعد ذلك يتم جمع الحطب ثم يؤتى بصخر مناسب توضع عليه الخبزة، وحاليا يتم الاستعاضة عن الصخرة بالصاج.
نبض المكان
أما عبدالله محمد الأسمري (75 عاما) فما زال يعشق مكان الخضرة والجمال في بادية بللسمر، حيث يقول: هذا المكان اسمه الخوفيه وهو المفضل عندي والذي متى ما أردت الانفراد مع نفسي أو عند قدوم ضيوف أو أناس لهم مكانة أتوجه بهم إلى هذا المكان.
ولماذا هذا المكان، ولا أكاد أذكر أحدا جاء إلى هنا إلا وشاطرني نفس الإحساس.
فقط لأنها مساكننا
يبتعد صالح غرم العمري (78 عاما) عن ذلك بقوله: لا يمضي شهر ما لم أخصص لهذا الموقع يوما وليلة للمبيت، فقد كانت بيوت آبائي هنا، كل هذه البيوت تلاشت مع الوقت ولم يتبق منها سوى بعض الأحجار، ويعلق (محمد القرشي) بقوله: كيف لا يحن أحدنا إلى المكان الذي عاش فيه أو ارتبط فيه بذكرى جمعته مع أحبابه أو أهله، هذه مسألة منتهية.
ولولا هذا الحنين ما وجدت الكثير منا يستغل الإجازات من أجل أن يزور مثل هذه الأماكن سواء كانت في المدينة أو القرية أو الديرة.

image
التعليقات 2
التعليقات 2
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    ابو مشرف 27-08-1431 03:21 صباحاً
    شكرا اخي كاتب الموضوع وحبذا لو طورت الفكره بلقاءات متفرقه ومنفرده مع اشخاص لهم اماكن محببه الى نفوسهم سواء في الحاضر او الماضي وتكون مدعومه ببعض الصور ومقاطع الفيديو من المكان ذاته وعن بعض الوجبات التي كانوا يعدونها أو بعض الالعاب التي يمارسونها ,, وتخيل هذه الفكره عندما تحضر شخصين لم يقوما بهذه الرحله منذ زمن وتجمعهم مرة اخرى لأعادة هذه الذكريات,, الفكره جدا رائعه فلو كنت انا متواجدا في تنومه لتبنيت هذه الفكره وجعلتها مدعومه بالكثير من الشخصيات من اهل تنومه,, والشباب كذلك لانك تبني أرشيف لزمان سينجلي ويأتي زمانا له ناسه,, ولا يبقى سوى الذكريات.
  • #2
    اصيلة 16-01-1432 12:45 صباحاً
    واناايضااذكر خصوصا ذاك الحبيب الذي كان يدعى بن هشبل الشمعة التي كانت تنير بيوت وحياة الكثيرواناواحدة منهم رحمك الله ياجدي
أكثر  

طب وصحة

الاستيقاظ في الساعة 6:30 صباحًا يمكن أن يطيل العمر بإذن الله
/ 24 رمضان 1445

الاستيقاظ في الساعة 6:30 صباحًا يمكن أن..

البروفيسور أليكسي سيتنيكوف، الذي يتخصص في العلوم النفسية والاقتصادية والفلسفية، يشدد على أن الجسم يبدأ في عملية الشفاء الذاتي عند الالتزام بوقتين مثاليين للنهوض وممارسة الرياضة. ينصح البروفيسور الأشخا..

الغضب المستمر: تأثيراته السلبية على الصحة البدنية والعقلية
/ 07 شعبان 1445

الغضب المستمر: تأثيراته السلبية على الصحة..

الغضب هو عاطفة قوية تتميز بالشعور بالعداء تجاه شخص أو شيء ما. على الرغم من أنه في بعض الأحيان يمكن أن يكون محفزًا للعمل، إلا أن الغضب المستمر أو الشديد يمكن أن يكون ضارًا للصحة. الدكتور ريموند تافرات ..

تعرف على «المسؤول» عن تسريع شيخوخة الأوعية الدموية
/ 07 شعبان 1445

تعرف على «المسؤول» عن تسريع شيخوخة الأوعية الدموية

أظهرت دراسة جديدة من جامعة “كينغز كوليدج” في لندن أن الجزيء المعروف باسم (Sox9) له دور رئيسي في تسريع عملية شيخوخة الأوعية الدموية. الشيخوخة الخلوية هي العملية التي تفقد فيها الخلايا القدرة على الانقس..