×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الحداثة الموسيقية تغزو الألعاب الشعبية في عسير

الحداثة الموسيقية تغزو الألعاب الشعبية في عسير
تحقيق - الاستاذ محمد آل عمر  تعتبر الزَّلفة أو ما يسمى بالطبلة والزير من أهم الآلات التراثية المستخدمة في الألعاب الشعبية في المملكة وفي عسير تحديدا، وتضرب هذه الآلات لتصدر أصواتا طربية, وفي رقصة "الخطوة" يقف أشخاص من مختلف الأعمار، ليكوّنوا صفين متقابلين، ويستعد الجميع لانطلاقة صوتية واحدة ترفع لحنا شجيا من ألحان لون "الخطوة"، الذي يعتبر من أشهر الفنون الشعبية في منطقة عسير، وعادة تصاحبه إيقاعات "الطبلة" و"الزير".
يؤدي هذه الرقصات جماعات من مختلف الأعمار في حركة واحدة وبشكل يوحي للمشاهد أن ذلك من الانضباط العسكري بينما في الأصل يعتبر الانضباط من أساسيات الرقص في الجنوب، حيث يصيح من في المقدمة بقوله (سوا) ويقصد أن تكون حركة الأرجل بشكل متساو حيث يتم التناوب بين الأرجل في الرفع والحركة وفي حركة واحدة للجميع.
ولكن المفاجأة هنا أن العود و"الأورج" ـ الذي لا يعرف أغلب كبار السن حتى مجرد نطق اسمه بشكل صحيح ـ نائبا هذه المرة في توزيع الإيقاعات وسط صخب يصم الآذان؛ وبالتالي تعثرت الخطى واختلفت عن موعدها المعتاد في عناق الأرض، بعد أن كان هذا الموعد التزاما حتميا في عهد الزير و"الطبلة/ الزلفة".
إن من يشاهد تحول الأداء الطربي للفنون التقليدية إلى فنون راقصة فقط، يتمايل على الأنغام والتقسيمات اللحنية المركبة عليها عنوة معظم الشباب، يدرك ذلك جيدا؟ فلم يعد للكلمة الشاعرة مكان حقيقي في معظم احتفالاتنا الشعبية، ولم تعد الصفوف المؤدية تحرص على سماع هذه الكلمة، فما بالك بحفظها وتردديها مع الشاعر، كما هو معروف في تلك الألوان الأصيلة.
ومع أن كثيرا من الناس يؤيدون الحفاظ على الشكل التقليدي الذي يمثل تميزا وعمقا ثقافيا خاصا، إلا أن ما يحدث حاليا من تسابق في استقطاب الآلات الموسيقية وتركيبها على الفنون الشعبية التي لم تتعايش معها منذ مئات السنين، يوحي بأن معركة الحداثة والأصالة، وصلت إلى الفنون الشعبية التي كان يُظن أنها آخر قلاع الهوية القروية، التي لن تسقط أمام أي حركة تغيير. فمن سينجح في النهاية، دعاة "موسقة" التراث و"تطويره" أم حماة الشكل القديم ومناصروهم؟.
يقول الروائي محمد علي عثمان الشهري "إن التراث الشعبي هو نتاج لما ورّثته الأجيال السابقة للحالية, والحفاظ عليه من الاندثار هو مهمة الأجيال عبر السنين".
ويرى الشهري أن المأثورات التراثية بشكلها ومضمونها أصيلة ومتجذّرة إلا أن فروعها تتطور وتتوسع مع مرور الزمن وبنسب مختلفة وذلك بفعل التراكم الثقافي والحضاري وتبادل التأثر والتأثير مع الثقافات والحضارات الأخرى، وعناصر التغيير والحراك في الظروف الذاتية والاجتماعية لكل مجتمع.
وأضاف الشهري أن منطقة تهامة تعج بكثير من المأثورات الاجتماعية والثقافية المختلفة والتي نستنشق من خلالها عبق الماضي وأصالته كالزي والحُلي والفن والعمران، موضحا أن من أهم ما ورّثه الأجداد الأوائل للأجيال الحالية هو رقصة العرضة والتي تؤدى في مختلف المناسبات الاجتماعية، حيث حافظ أجدادُنا على هويتها من خلال طريقة تأديتها وأدواتها وما يُقدّم فيها من أهازيج وسجالات شعرية أكسبت العرضة شخصيتها الاجتماعية ومنحتها طابعا فلكلوريا خاصا, مكّنت العرضة بأن تسير بخطى ثابتة متدثّرةً بمعطف التاريخ, فوصلت إلينا بعبقها وأصالتها وعمقها الاجتماعي.
واعتبر الشهري أن رياح التطوّر الاجتماعي قد اجتاحت العرضة ولم تعد في بعض المناسبات تلك التي تفوح منها أصالة الماضي، فأراد لها أناس أن تقفز إلى الأمام بطابع حديث أساء لهويتها وطابعها الاجتماعي حيث أدخلت على العرضة أدوات موسيقية أزاحت عنها تاريخيتها وأصالتها, مما سبب عزوفاً لدى الكثيرين بحضور المناسبات التي تؤدى فيها العرضة لأنهم لم يألفوا أن تصاحب العرضة أدوات موسيقية.
وذكر الشهري أن ما يخيف المحافظين على هوية التراث الاجتماعي أن تتلاشى القيمة الثقافية والاجتماعية للعرضة وتذوب في ظل المد الحداثي الذي اقتحمها. فعند قراءتنا لتاريخ العرضة والتطور الذي مرّت به عبر الأجيال لم يكن هنالك تغيّر جذريّ قد طرأ على هوية العرضة سواء في مضمونها أو أدواتها أو حتى سجالاتها الشعرية، أما في الآونة الأخيرة فقد أصبح الدخلاء على هذا الطابع الفلكلوري الاجتماعي ينظرون إلى العرضة بكسب تجاري فيتسابقون في تقديم أدواتهم الموسيقية إلى الساحات الشعبية لا هم لهم إلا الكسب المادي, وهم بذلك لا يدركون أنهم قد يقضون على فن تراثي حافظ عليه الأجداد وقيمة اجتماعية تضرب بجذورها في عمق التاريخ الحضاري لأمم سابقة.
ويقول الشهري "إن من أصعب ما يمكن أن تلغيه هذه النظرة الحداثية للعرضة هو جهل الأجيال القادمة لموروث اجتماعي وثقافي حافظ عليه الأوائل وورّثوه لمن بعدهم, وبذلك قد تصبح العرضة شيئاً من الماضي"، مشيرا إلى أن دورنا الأدبي والإنساني الثقافي يقتضي منا نفض ما علق بتراثنا وثقافتنا من شوائب والحفاظ على المكتسبات التاريخية لحضارتنا الإنسانية.
ودعا الشهري أصحاب القرار الاجتماعي ببقاء الموروثات الاجتماعية ذات الطابع الفلكلوري أن يسهموا في الحفاظ على هويتها الأولى وعدم المساس بعراقتها وأصالتها حتى لا تأتي أجيال قادمة لا تعرف من حضارتنا إلا ما تتناقله الحكايات الشعبية.
التعليقات 2
التعليقات 2
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    بندر 25-02-1432 09:49 مساءً
    تقرير جميل جدا واليكم هذا الرابط http://www.youtube.com/watch?v=J5I6VZioTrE
  • #2
    ناصح 29-02-1432 09:24 صباحاً
    فقد أصبح الدخلاء على هذا الطابع الفلكلوري الاجتماعي ينظرون إلى العرضة بكسب تجاري فيتسابقون في تقديم أدواتهم الموسيقية إلى الساحات الشعبية لا هم لهم إلا الكسب المادي, وهم بذلك لا يدركون أنهم قد يقضون على فن تراثي حافظ عليه الأجداد وقيمة اجتماعية تضرب بجذورها في عمق التاريخ الحضاري لأمم سابقة ليت كاتب الموضوع ينظر إلى ما ينفع البلد ويكون همه وهدفه كبير يخدم دينه ووطنة إن العرضة واللعب وغيرها هي بوابة الشر على أبناء المنطقة وخروج وللأسف ما أسميته بالرقصات وهل الرقصات إلا للحريم . يا أمة ضحكت من جهلها الأمم؟!!!! يقول الله تعالى ( ستكتب شهادتهم ويسألون ) هدانا الله وإياك لكل خير وما ينفع في الدنيا والآخرة ,,,,,
أكثر  

طب وصحة

طبيبة: تجاهل وجبة الفطور بشكل متكرر يمكن أن يرفع من خطر الإصابة بجلطة دماغية.
/ 19 شوال 1445

طبيبة: تجاهل وجبة الفطور بشكل متكرر يمكن أن..

تشير الأبحاث المتعددة إلى أن العلاقة بين توقيت تناول الطعام وتكراره ومخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية قوية. وقد يؤدي تجاهل وجبة الفطور بشكل متكرر إلى الإصابة بجلطة دماغية. الدكتورة كسيني..

ما هي إبر أوزمبك لعلاج مرض السكري والتنحيف .. اضرارها الجانبية
/ 16 شوال 1445

ما هي إبر أوزمبك لعلاج مرض السكري والتنحيف..

يُعد دواء **أوزمبك**، المعروف علميًا بالسيماجلوتيد، علاجًا فعّالًا يُعطى عبر الحقن تحت الجلد للمساعدة في: - **تنظيم مستوى السكر في الدم** للأشخاص المصابين بالنوع الثاني من السكري، وذلك بالتزامن مع ..

الاستيقاظ في الساعة 6:30 صباحًا يمكن أن يطيل العمر بإذن الله
/ 24 رمضان 1445

الاستيقاظ في الساعة 6:30 صباحًا يمكن أن يطيل العمر بإذن الله

البروفيسور أليكسي سيتنيكوف، الذي يتخصص في العلوم النفسية والاقتصادية والفلسفية، يشدد على أن الجسم يبدأ في عملية الشفاء الذاتي عند الالتزام بوقتين مثاليين للنهوض وممارسة الرياضة. ينصح البروفيسور الأشخا..