×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

أبو داهش.. صدى فترات لم يكن لها صوت

في مقالة للأستاذ احمد التيهاني بصحيفة "الوطن"

أبو داهش.. صدى فترات لم يكن لها صوت
صحيفة تنومة - فهد الشهري تناول الأديب والكاتب بصحيفة "الوطن" السعودية الأستاذ أحمد التيهاني وبإسلوبه الجميل المعروف في مقالة أقل ما يقال عنها انها رائعة شخصية العالم والباحث وأستاذ الأدب والنقد في الجامعات السعوديّة الأستاذ الدكتور عبدالله ابو داهش حيث قال فيها :

حملت هم ضيق المساحة قبل أن أكتب هذا الـ"بروفايل"، لأنني ـ هذه المرة ـ أكتب عمن تتلمذت عليه مرات ومرات، وما زلت؛ فهو أستاذي في الجامعة، وقد تلقيت منه ثماني ساعات جامعية هي الباقية في رصيد الذاكرة، والضاربة في عمق الممارسة العلمية حتى كتابة هذه السطور، وهو أستاذي من خلال مؤلفاته وأبحاثه التي تتقاطع مع اهتماماتي العلمية في كل طريق أطرقها، إلى الحد الذي يجعلني أقول جازما: إن كل الباحثين في أدب جنوبي البلاد السعودية عيال وعالة على الدكتور أبو داهش، الذي كان أول السائرين في طريق لم يطرقه غيره، ليهتدي بعده العشرات إلى المكنون من أدب هذه الجهات، والمختفي من مظاهر حياتها العلمية والفكرية في فترات توهمها التاريخ غيابا.
لا يقف القول عن "أبو داهش" عند حدود جهوده العلمية وإضافاته الأهم إلى مكتبة الأدب السعودي، وإنما يتجاوزه إلى تعاملاته وأخلاقه؛ فإذا أراد أحدنا استحضار سمات العلماء، ورؤية وقارهم، والتعرف على خصالهم التي قرأنا عنها في كتب التراث العربي، فما عليه سوى التأمل في صفات الدكتور عبدالله أبو داهش، وفي نتاجه، وفي ممارساته ومبادراته التي تنبع من خدمة العلم، لتصب في خدمة العلم، ليصدق عليه ما مدحه به الشاعر المصري مبروك عطية، في إحدى مناسبات تكريمه:
أوليس من دهش القلوب بعلمه
وبنبله والخير منه عطاء
وقف الحياة على عزيز تراثنا
فغموضه من جهده إجلاء
من لا يعرف "أبو داهش" معرفة شخصية، فإنه يعرفه أيضا معرفة شخصية، من خلال نتاجه، ولغته العلمية التي ليست إلا له؛ ذلك أنها لا تشبه غيرها من لغات العرض العلمي، ما يعني أنه اختط طريقه وطريقته حتى في الأسلوب، ومن الذين عبروا عن معرفتهم بأبي داهش على الرغم من عدم معرفتهم به الصديق أحمد عائل فقيه، حين قال عنه في إحدى مقالة عنوانها: "د. أبو داهش.. التاريخ الذي يضيء": "أبو داهش تحية خالصة لك من شخص لا يعرفك غير أنه يعرفك، لا يعرفك شخصا ماثلا بشحمه ولحمه، غير أنه يعرفك بعلمك ومعرفتك وصمتك المدوي الجميل".
المتأمل في تعرجات حياة "أبو داهش" المولود سنة 1370، يلحظ أنه أنموذج حي للعصاميين الحقيقيين، فابن قرية الصفحة بتنومة بني شهر، بدأ حياته جنديا في الأمن العام، كأقرانه الذين كانت الجندية سبيلهم إلى الحياة، في حال الهجرة من مساقط الرؤوس، إلى مناطق استدرار الرزق، بيد أن همته أكبر من أن يكون جنديا يعود إلى أهله الجبليين بالهدايا و"الدراهم" في كل إجازة، ليبقى جنديا، ثم يعود إلى جباله ـ بعد حين من العمر ـ فيبتني بيتا، ويعيد ترميم ما أفسده الهجر من مزارعه.
لم تكن همة "أبو داهش" العالية لتقف عند طموح جمعي يستطيع تحقيقه كل من "تعسكر"، أو "كتب في العسكرية" ذات "كتْبيّة"، وإنما تتجاوزه إلى دخول التاريخ، وإلى التأثير، وإلى ما يمكث في المجلدات لينفع الناس، فحصل على البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من جامعة الرياض سنة 1397، ثم الماجستير من الجامعة نفسها سنة 1401، ثم الدكتوراه من جامعة الإمام سنة 1404، ليتصل قلق الهمة، وتتواصل الأبحاث الجادة، فيحصل على درجة "أستاذ" سنة 1413، ليكون أول سعودي يحصل عليها في كلية اللغة العربية بأبها، وخلال فترة زمنية لا تتجاوز 9 سنوات، كان في أثنائها مثالا للقادرين على الجمع بين العمل العام بعطاء، والعطاء العلمي بتميز، إذ كان عضوا في عدد كبير من اللجان الأكاديمية والثقافية والعلمية، وحصل على ما يناظرها من الجوائز التي يشرف تاريخها باسمه، كما يشرف الباحثون الشباب ـ الآن ـ بالفوز بجائزته العلمية السنوية التي يصرف عليها من ماله الخاص خدمة للعلم، وهو خادم العلم عبر كل الوسائل، ومن الاتجاهات كلها.
رصد حياته جلها، في كتاب: "حياة في الحياة"، وهو كتاب ضخم يقع في 1504 صفحات، وفيه أتى على رحلته الحياتية بدءا من ولادته ونشأته بمدينة تنومة، ثم دراسته من الابتدائية حتى الدكتوراه، وما تلاها من ترقيات علمية، مرورا بتنقلاته من أبها إلى الرياض ثم العودة مرة أخرى إلى أبها، ثم العودة إلى الرياض باحثا في عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام، وقد زوده بعدد كبير من الوثائق والمراسلات والصور، مما يجعل قيمته تأتي مما يحويه من معلومات تؤرخ للحياة العلمية في المملكة، وهو ما أكد "أبو داهش" على اهتمامه به، حين أشار إلى أن كتابه لا يقدم للقارئ حياة كاتبه وحسب، وإنما يهبه صورة لعصره، وقد كانت روح الباحث غالبة على روح الكاتب، حيث حرص على الإحالات إلى المصادر والمراجع، مؤكدا أنها مما يعزز الثقة فيما يكتبه، وذلك بخلاف النماذج المناظرة من السير الذاتية. يقول: "وكل ذلك من أجل دفع الحرج عن الباحث، لكي لا يظن ظان نحوه بالتزود في القول، أو عدم التدقيق فيه، بل يجب العلم بصحة ما قيل، والثقة به"، لكن هذا التوثيق لم يجعل السرد الحياتي يخفت خفوتا دائما، فهو يظهر حين يكون الاعتماد على الذاكرة في ذكر أحداث النشأة الأولى، وما رافقها من النصب والمعاناة.
عبدالله بن محمد بن حسن أبو داهش، علامة فارقة في البحث الأدبي السعودي، وشخصية باقية في أحداق الباحثين ما بقيت المعرفة، وما بقي الإنجاز الحقيقي.

التعليقات 8
التعليقات 8
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    علي بن أحمد 30-09-1434 11:11 مساءً
    الدكتور عبدالله أبو داهش قامة علمية كبيرة وقديرة، ومن نوادر المحققين في زماننا -بلا مبالغة- أتمنى أن يخلد اسمه في تسمية قاعة ثقافية باسمه، مجرد اقتراح.
  • #2
    ابوكمال الشهري 01-10-1434 06:24 مساءً
    هكذا عهدناه وسيبقى نوراٍ يهتدى به ( حفظك الله يا أبا معاذ )
  • #3
    الشعفي الجاد 02-10-1434 01:53 مساءً
    الله يعطية العافية على جهوده الكبيرة وهو انسان متواضع منذو ان عرفته من عام 1389 وصاحب اخلاق عظيمة ويحب الخير دائما ويسال عن الاصدقاء وعن الاهالي وعن كبار السن ويسرة الخبر عن العلم والتعليم وعن اي نشاط ويحث على العلم ونتمنى له التوفيق
  • #4
    م.سامي بن معيض 02-10-1434 05:17 مساءً
    فعلا الدكتور جمع بين العلم والتواضع مع سمو خلقه.. وفقك الله د.عبدالله
  • #5
    راسم تنومة بعنوني 10-10-1434 12:57 صباحاً
    زمان البكالوريوس والماستر والدكتوارة بنفس الجامعة تجتازها مافيش ايت مشكلة قلت انا زمان: الدكتور عبدالله يفتخر به الجنوووب وشكرا
  • #6
    المشرف saeed 15-10-1434 07:15 مساءً
    الدكتور عبدالله أبو داهش قامة علمية وثقافية بارزة على مستوى المملكة كلها وليس فقط الجنوب
    خلال مسيرة حياته منح وقته وجهده وماله في سبيل العلم من خلال القراءة وتحقيق المخطوطات وتأليف الكتب مركزا على تاريخ وآداب جنوب الجزيرة العربية وبالأخص جنوب المملكة حتى صار علما في هذا المجال
    نسأل الله أن يكتب أجره ويثيبه على ما قدمه وأن يمده بالصحة والعافية , وأن يعطيه القوة والصبر والهمة العالية لتحقيق المزيد من التألق والفائدة
    محبكم / سعيد بن معيض
  • #7
    خاد عسيري 25-10-1434 04:02 صباحاً
    ما أجمل وفاء التلامذة لأساتذتهم ، والحقيقة أن الدكتور أبو داهش يستحق هذا واكثر منه والتيهاني معروف بأسلوبه الرائع وبوفائه لأساتذته وحتى لزملائه وطلابه
  • #8
    جبل الانصب 26-10-1434 10:41 صباحاً
    المقال رائع ,, وكتب فيمن يستحق,, ولا جدال في ذلك .
أكثر  

طب وصحة

طبيبة: تجاهل وجبة الفطور بشكل متكرر يمكن أن يرفع من خطر الإصابة بجلطة دماغية.
/ 19 شوال 1445

طبيبة: تجاهل وجبة الفطور بشكل متكرر يمكن أن..

تشير الأبحاث المتعددة إلى أن العلاقة بين توقيت تناول الطعام وتكراره ومخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية قوية. وقد يؤدي تجاهل وجبة الفطور بشكل متكرر إلى الإصابة بجلطة دماغية. الدكتورة كسيني..

ما هي إبر أوزمبك لعلاج مرض السكري والتنحيف .. اضرارها الجانبية
/ 16 شوال 1445

ما هي إبر أوزمبك لعلاج مرض السكري والتنحيف..

يُعد دواء **أوزمبك**، المعروف علميًا بالسيماجلوتيد، علاجًا فعّالًا يُعطى عبر الحقن تحت الجلد للمساعدة في: - **تنظيم مستوى السكر في الدم** للأشخاص المصابين بالنوع الثاني من السكري، وذلك بالتزامن مع ..

الاستيقاظ في الساعة 6:30 صباحًا يمكن أن يطيل العمر بإذن الله
/ 24 رمضان 1445

الاستيقاظ في الساعة 6:30 صباحًا يمكن أن يطيل العمر بإذن الله

البروفيسور أليكسي سيتنيكوف، الذي يتخصص في العلوم النفسية والاقتصادية والفلسفية، يشدد على أن الجسم يبدأ في عملية الشفاء الذاتي عند الالتزام بوقتين مثاليين للنهوض وممارسة الرياضة. ينصح البروفيسور الأشخا..