×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

مربو الأجيال

عامر الشهري
بواسطة : عامر الشهري
مربو الأجيال
"الشمس لا تخفى مع النكران"

ظهرت بكل أسف في الأيام الماضية أصوات أساءت وتسيئ للتعليم ومنسوبيه "معلمون ومعلمات"، تحت حجج وإن كان بعضها يميل للصواب، إلا أنه على الأقل من باب الإنصاف كان الأولى عدم التعميم وإقحام كل مربي الأجيال وتحميلهم أوزار وأخطاء غيرهم، سواءٌ كانت الوزارة بمسماها القديم "التربية والتعليم" أو بمسماها الجديد "التعليم العالي"، أو حتى بعض (وأشدد على بعض) المنتسبين للتعليم نفسه.
نحن هنا لا نتحدث عن انتقاد لأمرٍ ما في التعليم أو قصور من معلم في إحدى المناطق أو ما إلى ذلك، نحن نتحدث عن هجوم إعلامي بدأها أحد أولئك الذين اعتدنا منهم في الآونة الأخيرة الإساءة للتعليم خاصة ثم للمجتمع السعودي عامة كوصفه لهم بـ "الدواعش"، والغريب والعجيب في الأمر أنه مازال "يشطح" و"ينطح" دونما وجود رادع له ولأمثاله ممن يسعون للتقليل من جهود مربي الأجيال والتي لا ينكرها أو يقلل منها إلا من لديه عقدة في حياته حيث كان يمني النفس بأن ينال شرف الانتساب للتعليم، لكنه بالمختصر "ما فلح"، وبالتالي بدأ يتهجم لمحاولة التخفيف على نفسه.
وآخرون قد يكون هجومهم لمجرد أن مرت بهم حالة أو اثنتين أو أكثر "معلمون أو معلمات" صدرت منهم بعض التصرفات ثم كعادة الإعلام لدينا يسعى لتضخيم المشكلة ويجعل منها قضية رأي عام كما يقال بالعامية "يسوي من الحبة قبة"، لأهداف شيطانية لدى غالبيتهم إن لم يكن جُلهم، وهي الإساءة للتعليم ومنسوبيه، كما كان الأمر نفسه سابقاً لبعض الجهات كالهيئة وغيرها.
كنت أتمنى بدلاً من هذه الانتقادات أن يذهب المنتقدون ويأخذ كل واحد منهم حصة يومية لمدة أسبوع واحد فقط في إحدى المدارس وليختر أقل المدارس أعداداً، ويجرب الترفيه الذي يعيشه (المعلمون/ات) وهم يتعاملون مع فصول يتراواح العدد فيها بين 20 – 30 طالب في كل فصل وربما أكثر، كل طالب بتفكير وطموح وهموم ومشاكل وقصور في بعض الأمور، وبالتالي يجب على (المعلم/ة) أن يسير بهؤلاء المجموعة من الطلاب إلى شاطئ الأمان والنجاح .. فهل يمكنكم القيام بذلك؟
أكاد أجزم بأنكم لا تستطيعون سوى التنظير وإطلاق الاتهامات جزافاً، فضلاً عن التعامل مع مجموعات هائلة من الطلاب بثقافات ومدارك وهموم وشجون مختلفة، بل إنني أجزم أن الواحد منكم لا يستطيع أن يحتمل (اثنين أو ثلاثة أو أربعة) من أبنائه في منزله، فتراه يغادره مسرعاً حتى يرتاح من صراخ وازعاج أبنائه.
إننا يجب أن ندرك أولاً قيمة التحصيل العلمي والمعلومات الهامة جدا التي يسعى منسوبوا التعليم لإيصالها للطلاب، ومن ثم نعلم علم اليقين قيمة هؤلاء الأفاضل، فليس الأمر مقتصرا على دوام يومي أو الوقوف في الفصول دقائق معدودات، بل الأمر يتعدى ذلك إلى الحرص على الطريقة والأسلوب والكيفية التي يتم بها إيصال المعلومة والتأكد من مدى استيعاب الطلاب لها، وكلها مجتمعة وغيرها تحتاج إلى مجهود كبير لا يتقنه ولا يحسن التعامل معه بصبر إلا أولئك المعلمون والمعلمات الذين أبلغ ما قيل فيهم قول الشاعر:
قم للمعلم ووفه التبجيلا *** كاد المعلمٌ أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي *** يبني وينشئ أنفساً وعقولاً
إنني أتمنى أن تجلس مع نفسك أيها الإعلامي أو المثقف ومن قبله الوزير أو المسؤول، لتسألوا أنفسكم وبصراحة: كيف وصلتم إلى ما أنتم فيه الآن من معرفة وتعلم وأصبحتم تتقنون فن التخاطب والحوار والكتابة والنقد .. هل ولدتم هكذا؟ أم أن هناك من لهم الفضل بعد الله سبحانه فيما وصلتم إليه!؟ ثم تكون مكافأتكم لهم نُكراناً لما قدموا وضحوا في سبيل أن تصبحوا أعضاء فاعلين في وطنكم، فإذا بكم تسنون سيوف العلم الذي نهتلموه منهم وترجعونها إلى صدورهم.. (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) أهكذا يكون رد الجميل.. عجبا!!
بالتأكيد التعليم كغيره من قطاعات بلادنا العزيزة لديه عيوب ولدى بعض المنتمين له سلبيات وقصور، وهو أمر وارد، والكمال للحق تبارك وتعالى، لكن من غير المنطقي أن يقول المدعو قينان "أغلبية المعلمين والمعلمات يعانون من تأهيل ضعيف وضحالة ثقافة وكسل وتسيب .. إلخ"، فعن أي نقدٍ نتحدث؟ وعلى ماذا يعتمد حينما قال "أغلبية" هل لديه إحصائية تؤكد صحة ما ذهب إليه؟
أمرٌ محزن أن ننساق وراء الدعاوى الإعلامية المضللة التي تهدف بالدرجة الأولى النيل من المعلمين، وهي في الواقع دعاوى خبيثة قد يكون من أهدافها تمرد النشء على معلميهم وأساتذتهم، فرمي مثل هذا الكلام عبر وسائل التواصل الاجتماعي الهدف منه تشويه صورة هؤلاء الأفاضل، ألا يكفي أنها سُلبت هيبتهم، هل تريدون أن تسلبوا قيمتهم!؟



خاتمة
قال أحد الشعراء في حق إهانة المعلم:
إن المعلم والطبيب كليهما *** لا ينصحان إذا هما لم يكرما
فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه *** واصبر لجهلك إن أهنت معلماً

وقال آخر مخاطبا ابنته:
ولتحسني صنع الحديثِ أيا ابنتي *** لمعلمٍ في رقة وحنانِ
يعطيك أعظم سُلمٍ للمرتقى *** بالعلم ترقى همة الإنسانِ
لا تجحدي لمعلمٍ أفضاله *** فالشمس لا تخفى مع النكرانِ





عامر الشهري
Am_alshy@hotmail.com
بواسطة : عامر الشهري
 0  0  945

أحدث الملفات

كتاب الطيور في السعودية: الجزء الأول: حياة الطيور و الجزء الثاني: أنواع الطيور

اصدار كتاب #الطيور_في_السعودية وهو فريد من نوعه - قامت بإصداره وطباعته شركة @aramco الكتاب من جزئين: الجزء الأول: حياة الطيور الجزء الثاني: أنواع الطيور:

0 | 1062 | 192

كتيب " الأذكار المضاعفة " اهده لمن تحب

كتيب الاذكار المضاعفه

0 | 2383 | 408