×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

علام يقتل الرجل أخاه


لقد جاء الإسلام والشرائع السماوية من قبله بحفظ الضرورات الخمس وصيانتها والمحافظة عليها قال الإمام الشاطبي :"اتفقت الأمة بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على هذه الضروريات الخمس وهي الدين والنفس والنسل والمال والعقل " وذلك لأن مصالح الدين والدنيا مبنية على المحافظة عليها فبذلك يعيش المسلم في هذه الدنيا مطمئناً يعمل لدنياه وآخرته ويعيش المجتمع المسلم أمة واحدة متماسكة كالبنيان يشد بعضه بعضاً وكالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
ومن هذه الضرورات حفظ النفس والذي يأتي في المرتبة الثانية بعد حفظ الدين الذي به نجاة الإنسان وسعادته ولأجله انزلت الكتب وأرسلت الرسل (إن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) فما كان حفظ النفس ليكون في هذه المرتبة بعد الدين الا لأهميته ومكانته ولذلك نجد الإسلام اعتنى بهذا الأمر عناية بالغة وأهتم به اهتماماً شديداً فشرع التدابير الكثيرة والتوجيهات العظيمة للمحافظة عليها لأن النفس البشرية غالية وثمينة والمحافظة عليها أمانة ومسؤولية والاعتداء عليها وازهاقها جريمة بشعة وسلوك اجرامي مشين لذلك نهى عن قتل النفس ورتب عليه اكبر الوعيد ( ولا تقتلوا أنفسكم أن الله كان بكم رحيما* ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً..)ونهى عن قتل الآخرين (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق)(ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها .. الآية) بل من قتلها ( فكأنما قتل الناس جميعاً) بل من ساهم في نجاتها وحياتها ( فكأنما أحيا الناس جميعاً )
بل قال عليه السلام (ولا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) وقال (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة).
بل نجد الإسلام ذهب إلى أبعد من ذلك في حفظ النفس البشرية فحرم عليها من الأكل ما يضرها ورخص فيه حال كان سبباً لنجاتها من الهلاك والموت ( فمن أضطر غير باغ ولا عاد فلا أثم عليه ) ونهى عن الإسراف في الأكل والشرب ورخص في إفطار المريض والعاجز والمسافر والحامل حفاظاً على حياتهم ورحمة بهم بل رخص في ترك الجمع والجماعة حال خوف الضرر وشرع القاعدة المعروفة ( لا ضرر ولا ضرار ).
بعد هذا العرض اخي القارئ الكريم رأيت حرص الإسلام في حفظ النفس البشرية وصيانتها من التلف وأنت بلا شك تسمع وترى ما يمر به العالم من ازمة عظيمة وبلاء كبير أثر في جميع جوانب الحياة العالمية بل أن بعض الدول المتقدمة سقط اقتصادها وانهار نظامها الصحي وهلك الناس ووقفت عاجزة عن تقديم العون لهم.
ونحن في المملكة العربية السعودية تفضل الله علينا بقيادة حكيمة تستشعر المسؤولية وتسعى لحفظ الضرورات التي حرص الدين على حفظها وتعطي الأمور قدرها وتضع المحافظة على شعبها نصب أعينها فلم يكن منها الا ان قادت مبادرات استباقية و سعت إلى إجراءات احترازية للحفاظ على سلامة الناس وحياتهم وكان شعارها الإنسان أولا وكلفها ذلك الكثير من الناحية المادية والاقتصادية الا أنها جعلت حياة الإنسان أغلى من ذلك وأهم .
قامت الدولة وفقها الله بقيادة ملكٍ ذو حزم وولي عهدٍ ذو عزم بجهود مذكورة مشكورة للمحافظة على مواطنيها والمقيمين على أراضيها واستعانت بالله تعالى وبذلت الأسباب المشروعة وطمن القائد الوالد شعبه وابنائه بأن الدولة لن تترك جهداً في سبيل تقديم أفضل الخدمات الصحية وتامين الغذاء والدواء والرعاية رغم صعوبة المرحلة بل قامت برعاية أبنائها خارج الوطن فوفرت لهم المساكن الفاخرة وكلفت سفاراتها بمتابعتهم وأرسلت لهم الطائرات لإعادتهم الى بلدهم الكريم حيث الأمن والرعاية بل قدمت العلاج والرعاية للمخالفين لأنظمة الإقامة وقدمت المساعدة والمال لبعض المتضررين من دول العالم وعقدت القمة الافتراضية لحث العالم على مكافحة هذا الوباء حفاظاً على البشرية وضربت أروع الأمثلة في الاحسان والإنسانية مما جعلها محل إشادة المنظمات الدولية والصحة العالمية وهي بذلك تعكس صورة الإسلام الحقيقي الذي جاء للحفاظ على النفس البشرية .
وهنا قامت الدولة بدورها في الداخل والخارج وبقي دورنا نحن أبناء الوطن في الالتزام بالتعليمات وطاعة ولي الأمر امتثالاً لقوله تعالى (يا أيها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وقول نبينا صلى الله عليه وسلم ( من اطاع الأمير فقد أطاعني ) فيجب هنا الطاعة والالتزام بالتعليمات والأخذ بالنصائح والتوجيهات للحفاظ على سلامتنا وسلامة مجتمعاً وسلامة من نعول( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ).
أخي الغالي: نحن نمر بمرحلة حرجة واستثنائية تحتاج بعد التوكل على الله والدعاء والرجوع إليه إلى تضافر الجهود والوقوف مع الدولة والجهات المعنية لتجاوز هذه الازمة وكلنا مسؤول وكلنا أمام مرحلة تاريخية حاسمة نحتاج أن تمر فيها الأمور بسلام وأن نتذكرها بعد أن يمن الله علينا بالنجاة منها وقد تحقق للدولة نجاح خططها في مكافحة الوباء فتكون ذكرى فرحٍ بالسلامة وفخرٍ بالإنجاز لا ذكرى حزن بفقد حبيب والم ومعاناة .
فلا تكن أخي الحبيب بعدم تجاوبك واهتمامك سبباً في نقل الوباء إلى أهل بيتك أو والديك أو جارك أو صديقك فعلام يقتل الرجل أخاه بتهاونه واستهتاره وعدم مبالاته .


د. ظافر بن خزيم الاثلي الشهري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الرياض حرسها الله -الثلاثاء 14-8-1441 هـــ
 0  0  1098