×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

التربية بالنشاط المدرسي !

وزارة التربية والتعليم هو المسمى الذي يطلق على المنشأة التي تتولى مهام التعليم في معظم الأقطار العربية والعالمية، وإلى عهد قريب كانت لدينا وزارة المعارف ثم التربية والتعليم قبل أن يستقر بها المطاف تحت مسمى "وزارة التعليم" فأين موقع التربية في الواقع دون المسمى من وزارة التعليم ؟ وهل اقتصر دورها على التعليم والتلقين دون غيرها من المهام ؟.
في الماضي بالرغم من قلة الموارد والإمكانات المادية والبشرية، كانت البيئة المدرسية بيئة جاذبة للطلاب لا طاردة لهم ،على الرغم من قساوة الظروف المدرسية المحيطة، فالمعلم وافد، والمبنى المدرسي من الحجر مستأجر متهالك، والمقررات الدراسية مطبوعة على الورق الرديء مخطوطة باللون الأسود، والسبورة سوداء خشبية مهشمة مستقرة على الأرض، وغبار الطباشير البيضاء تملأ أركان الحجرة الدراسية، وفناء المدرسة ترابي والغبار يملأ المكان، مع انعدام المقصف المدرسي في الغالب، وقضاء الحاجة في الخلاء حيث لا وجود لدورات المياه، والماء الذي يملأ الوعاء أو الصفيحة "الحنفية" ملوث فمنه تتوضأ ومنه تشرب، والمسجد هو فناء المدرسة الترابي حيث الشمس الحارقة لتؤدي صلاة الظهر، وسقف المدرسة من خشب العرعر حيث تتسرب منه مياه المطر المتساقطة والذي تتحول معه حجرة الصف إلى بحيرة من الماء، وعبارة العصا لمن عصى يرددها معظم المعلمين والعصا في أيديهم، كل تلك الظروف رغم قساوتها لم تحول ورغبة الطالب في الحضور المبكر للمدرسة بالسير على قدميه عندما تنعدم وسيلة النقل، فلماذا نجد حالياً شعور الطالب بالفرح والبهجة عند الخروج أو الهروب من المدرسة رغم وفرة الامكانات؟.
المعارض المدرسية التي كانت تملأ المدارس في طول البلاد وعرضها، والمسرح المدرسي الذي كان يمثل شعلة من النشاط في إبراز ما لدى الطالب من مهارات وإمكانات، والنشاط الكشفي الذي كان له الدور البارز في تنشئة الطالب على حب العمل اليدوي والتعاون بين الأقران للعمل بروح الفريق الواحد، والنشاط العلمي المتمثل في عديد من الابتكارات اليدوية واللوحات العلمية التي كانت تملأ جدران المدرسة والفصول الدراسية بالعناوين التربوية الهادفة، هذا عدا المناشط التربوية الأسبوعية "المرور – المساجد – الشجرة – النظافة" والتي كانت جزءاً من الأنشطة التربوية المدرسية المختلفة التي كانت المدارس تزاولها ردحاً من الزمن داخل المدرسة وخارجها، فأين تلك الأنشطة المدرسية من مدارسنا في الوقت الحاضر؟.
في ظل الكم الهائل من المعلومات والمعارف التي يتلقاها الطالب في مدرسته، والتي استغرقت جهد ووقت الطالب والمعلم معاً، لم يكن للتغيير في الاستراتيجيات التدريسية الحديثة والتي جعلت من الطالب محور العملية التعليمية واقتصار المعلم على أن يكون الميسر والمرشد للتعليم أدنى التأثير في تعديل سلوك الطالب نحو العمل الايجابي إلا ما ندر، فهل بالتعليم وحده يمكن من خلاله تعديل السلوك؟.
تفاعل الطلاب مع الأنشطة المدرسية نابع من الذات، وهذا ما يجعل الطالب مشاركاً بفاعلية في النشاط المدرسي الذي يختاره من تلقاء نفسه ويتحمل مسؤولياته مع القناعة بالدور الذي يمارسه دونما ضغوط قد تمارس عليه أثناء الحصة الدراسية الإلزامية في المقرر الدراسي داخل حجرة الدراسة، وهذا سوف يخلق نوعاً من التربية الصحيحة والتي من خلالها يتم صقل الموهبة لدى الطلاب في كافة المناشط الدراسية المختلفة، فهل يمكن للنشاط المدرسي أن يكون السبيل الأجدى للتربية والتعليم معاً ؟.
إن قصر الأنشطة التربوية على المسابقات فيما بين المدارس في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة على وجه التحديد مع التفاوت في عدد الأنشطة وتنوعها بحسب المكان والإمكانات من شأنه أن يشكل تأثيراً سلبياً على الطلاب الذين لم تتاح لهم فرصة المشاركة حيث يقتصر النشاط والمسابقات على اختيار عدد من الطلاب المتميزين دراسياً وسلوكياً دون غيرهم من الطلاب والذين هم أحوج بالتربية والتوجيه من الطلاب الذي قد أظهروا نوعاً ما من التميز الدراسي والسلوكي، فالنشاط التربوي إن لم يُستهدف به كافة الطلاب، فإن التوجيه بقصر الأنشطة على الطلاب المشاكسين المعروف عنهم قلة التفاعل مع المعلمين في الحصص الدراسية التقليدية سوف يكون أجدى وأنفع لهم لحاجتهم لمثل تلك الأنشطة التربوية في تعديل السلوك.
ختاماً : على وزارة التعليم إعادة النظر في المناشط التربوية بوجه عام، وإيلاء تلك المناشط المزيد من الاهتمام، وعدم قصر دور المدارس على التعليم دون غيره، ومنح إدارات التعليم والمدارس الفرصة لاختيار النشاطات المناسبة لها بحسب الإمكانات، على أن يعود للمدارس وهجها السابق ودورها التربوي البنَّاء من خلال التنافس فيما بينها لتنتهي كافة المناشط التربوية بالحفل الختامي نهاية العام، وهذا ما يجعل للمدرسة الريادة في التواصل بينها وبين الأسرة والمجتمع لتحقيق الأهداف المرجوة بمشيئة الله.
 0  0  834