×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

رحيل عام ووداع كاتب

عذراً أحبتي : تأخرت
وكم أتمنى أن تكون هذه الكلمات هي مسك الختام لهذا العام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة ..

عذراً أحبتي : تأخرت
ولكن :
رحيل هذا العام هو من اختار هذا الوقت لهذه الكلمات لتكون آخر العهد واللقاء لكاتب احساس اعتادت حروفه البقاء في الظل والخفاء ..رحيل هذا العام اقترب شيئاً فشيئاً . فهاهو يشد رحاله ويطوي بساطه وبرحيله ينقضي عام من أعمارنا وتطوى به صحائف أعمالنا ..فهنيئاً لمن أودع في صحيفته في عامه الراحل مايسره حين لقاء ربه ..

أحبتي :
أزف رحيل هذا العام ووالله من يتأمل في أيامه التي انصرمت في لمح البصر . ليجد من العظات والعبر ما يجعله يتعظ بأمسه . ويجتهد في يومه . ويستعد لغده ..ليجد من العظات والعبر ما يجعله يعلم يقينآ أن هذه الدنيا إنما هي اختبار وامتحان . وأن الله يغير فيها من حال إلى حال ..فكم من طفل تيتم . وكم من امرأة ترملت .دار تفرح بمولود . وأخرى تعزى بمفقود . أوراق تتصارع في أروقة المستشفيات ما بين تسجيل حالة ولادة ووفاة . أهل بيت يشيعون ميتهم . وآخرون يزفون عروسهم .

ولكـــن :
هي الدنيا أفراح وأتراح . وقوة وضعف . وأيام يداولها الله بين الناس ..السعيد أحبتي من اتعظ بغيره وتدارك أوقاته وما بقي من عمره ..الكيس أحبتي من عمل لما بعد الموت وعمل لآخرته . لإن الدنيا دار عمل بلا حساب والآخرة دار حساب بلا عمل ..إن العام المنصرم من أعمارنا بلا شك كما قال الحسن البصري ( يابن آدم : إنما انت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك ) فكيف وقد ودعنا عاماً كاملاً من أعمارنا واقتربنا من الأجل ..لنتأمل احبتي هذا الهدي النبوي الشريف عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح . وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من حياتك لمَوْتِكَ. )قف و انظر لنفسك أمام هذا الحديث وانظر لأي الدارين تعمل . وكم تساوي هذه الدنيا أمام الآخرة ..قف وانظر لنفسك أمام قول الله تعالى في كتابه الكريم ( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه يقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً ).
ماذا انطوت عليه صحيفة اعمالك في عامك الراحل ؟؟ وعند الله ملائكة تكتب .. وجوارح تشهد وتنطق ..
ماذا قدمت لنفسك ؟؟ في يوم قال الله فيه ( يوم تجد كل نفس ما عملت محضراً وما عملت من سوء لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد ).

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في امرنا وأسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض ..

لا أحب الإطالة والإسهاب . ولعلي أختم بهذه الدرر للشيخ الجليل والفقيه الأديب علي الطنطاوي رحمه الله وهي أيضاً اجمل ما نستقبل به عامنا القادم ..يقول ( تمضي السنة وتجيء أخرى بعدها فمن لم يعمل خيراً فيها عمله في التي تليها . إن فاتك عمل الخير في النهار فعندك الليل ( خلفة ) منه فاعمل الخير فيه ..

مواسم متتابعة :
إن أضعت الموسم فلم تزرع فيه فازرع الذي يليه ..وإن رسبت في الإمتحان في دورة حزيران فعندك دورة أيلول . هي خلفة لك ما دمت حياً ..

ولكـــن :
هل تعلم كم تبقى حياً ؟؟
احبتي اسأل الله العلي القدير أن يرزقنا في عامنا المقبل الإخلاص في العمل في كل ما يقرب إليه .. وأن يجعله عام نصر وتمكين للإسلام والمسلمين ..وأن يحفظ لنا قادتنا وولاة أمرنا وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان ..

تنويه :
هذه الكلمات هي آخر الظهور لي في هذه الصحيفة الرائعة ..
لربما أن الظروف تشابهت فوجدتها فرصة سانحة ..
لا تنسوا من أحبكم من دعوة في ظهر الغيب ...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


عبدالعزيز بن ظافر آل عبدالله
الرياض ( ٢٠ / ١٢ / ١٤٣٧ هـ )
 0  0  1782