×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

خلافات أم إختلافات!

ثمة إنفصال بين كثير من المفردات المستعملة في حياتنا اليومية وبين الواقع الذي نعيشه، حتى أضحى الإسلام غريباً على أهله، فزادت غربة أهله بغربته، تناقضات يعيشها الناشئة في ظل التفرق الذي يعيشه المسلمون في شتى أقطار الأرض قاطبة، فمن اختلاف في المعتقد بين "الشيعة والسنة" إلى خلافات فقهية مذهبية بين أرباب الطوائف في أقطار العالم الإسلامي، إلى تباين بين المسلمين في القطر الواحد حتى وصل بهم الحال إلى التراشق فيما بينهم رغم انتمائهم للمذهب الواحد

ليس غريباً في أن المسلم صار متناقضاً مع نفسه في غالب أحواله، فمن يعتني بجانب العبادات يظن أنه قد أحاط بالدين بكل جزئياته، بل ربما خطر في باله أنه من أولياء الله الصالحين، ومن إهتم بجانب المعاملات وأهمل العبادات أيقن أنه قد إستوعب الدين بكل تفاصيله مردداً القول "الدين المعاملة""
مدارس دينية متعددة فرقت الأمة , إخواني، سلفي، تبليغي، وهابي، و مصطلحات نرددها دون أن نعي معناها " ملتزم ، متدين" حتى بات بعضنا يُعيِّر أخاه بقوله مطوع قاصداً "من أطاع الله ورسوله" وكأن هذا المصطلح فيه مذمة ومنقصة، أو مفردات فقهية لم نعي مدلولاتها عند التطبيق" واجب – ركن – مستحب- فرض" فربما يحرص أحدنا على قيام الليل في رمضان ويهمل صلاة الفجر جماعة، أو يتجنب إزالة شيئاً من شعره أو قص أظفاره في عشر ذي الحجة، بينما يرتكب المحظور بحلق اللحية، أو يغتاب أخيه المسلم دون أن يجد حرجاً.

وفي جانب الفتوى حَدِّث ولا حرج! فمن يأخذ بالرخصة ويترك العزيمة، ومن يتتبع الرخص بالأخذ بالفتوى من هنا وهناك في ظل تعدد الفتوى دون وجود مرجعية دينية موحدة؛ ومن يرى أن السياسة من الدين، ومن يقول أن الدين لا شأن له بالسياسة، وأنها من التنظيم الإداري الذي يسوس به الحاكم الأمة، وأما في باب الاقتصاد، فالمعاملات الربوية تملأ الأرض قاطبة، مع تباين الناس بين مقل ومستكثر؛ وأما القراءة والحفظ ! فقد انشغلنا بحفظ النصوص عن الفهم والتدبر للمعنى المقصود من آيات الله تعالى؛ فما أكثر قراءنا وحفاظنا، وما أقل فقهاءنا وعلماءنا .

إن القصور في فهم الإسلام ينشأ عنه الأفكار المنحرفة التي كانت نتيجتها سفك الدماء المعصومة من بعض الأغرار سفهاء الأحلام الذين لم يراعوا حق الله وحق القرابة وحق المجتمع والأمة، وهي نتاج تربية قاصرة يتحمل وزرها رب الأسرة، وللتعليم والإعلام والمسجد والمجتمع نصيبها من هذا القصور؛ وفي المقابل ثمة صنف آخر وصل بهم الحال إلى الإلحاد والانحراف بعد أن تلقفتهم الأيدي الآثمة، فانغمسوا في المعاصي والشهوات وظلوا الطريق، فلم يجدوا بعد أن استحوذ عليهم الشيطان سوى طريق الضلالة، مثل هؤلاء لم يعرفوا طريق الإسلام ولم يهتدوا بهديه وإن زعموا.

نحن بحاجة إلى إعادة النظر بالبحث والاستقصاء في مفهوم الإسلام الصحيح ليس تنظيراً فحسب، إنما من منطلق واقعي تطبيقي على مستوى الفرد والمجتمع، وأن نخصص الحديث دون وجل أو كلل لدراسة حال الأمة، على أن بلادنا حرسها الله باعتبارها قبلة المسلمين ومأوى أفئدتهم قادرة على جمع الشمل للعلماء من أهل السنة لتدارس أحوال المسلمين في "ورش عمل" تلتقي فيها الأفكار لتوحيد الرؤية، وجمع الكلمة، وتحديد "مرجعية إسلامية موحدة" تكون لها كلمة الفصل في القضايا الكبرى المعاصرة، وبحث سبل الخروج من هذه الأزمات التي عصفت بعالمنا الإسلامي ولا تزال، وليس من الحرج أن يتدارس هؤلاء الأئمة "توحيد الفتوى" وصياغة المقررات الدراسية بما يتفق مع الفهم الصحيح للإسلام دون إفراط أو تفريط، وإيقاظ "روح الاجتهاد" في الأمة دون إهمال إجتهاد السلف الصالح، وتحرير كثير من المصطلحات في جوانب عديدة فيما يتعلق بـ " الجهاد – الولاء والبراء – التكفير والردة" وتوجيه "المنابر الإعلامية" بكافة أنواعها نحو هذا الجهد لخدمة قضايا الإسلام والمسلمين، والحرص على "نبذ الطائفية المقيتة" واحترام كافة فئات المجتمع بجميع أطيافه ومكوناته، ولعل الله أن تكون وحدتنا هي طريق عزتنا ونصرة قضايانا" (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)
 0  0  1258