×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

عقدٌ على الرحيل

تمر بنا الشهور والأعوام مسرعة وكأنها عقد منظوم ينفرط من يد أحدنا وتتطاير حباته فنعجز عن إدراكها، فلله ما أسرع هذه الايام.
في يوم الجمعة الماضي استقبلت خبر وفاة أحد أقاربنا وهو رجل عز علينا فراقه وآلمنا فقده.رحل الوالد أحمد يرحمه الله وليس لنا إلا ان نستسلم لقضاء الله وقدره على مصائب الدنيا ومواجعها.سافرت مع أبا علي كما كان يكنى وأنا في الثانية عشر من العمر ثم صحبته في أسفار بعدها ولا يعرف الرجال إلا في السفر وكان رجلاً بشوشاً مرحاً يقطع عليك عناء السفر بقصصه الممتعه وذكرياته الجميلة. عانى من المرض أكثر من ثلاثين عاماً وقد زرته قبل وفاته بأيامٍ معدودات و كان رجلاً صابراً محتسباً، أسال الله أن لا يحرمه الأجر ويتجاوز عنه ويجعل ما أصابه كفارة له وأن يخلفه في عقبه خيراً وأن يجمعنا به ومن نحب في جنات النعيم .
رجعت بي الذاكرة لعقد من الزمن فتذكرت أخي الأصغر ( عبد الرحمن ) رحمه الله وتقبله في الشهداء والذي توفي يوم الجمعة الموافق السابع والعشرون من جمادى الأولى لعام (1427 هـ) فإذا بها قد مضت عشر حجج وكأنها ساعة من نهار .
كم من عزيزٍ رحل في هذا العقد؟ أحصيت من أهل قريتي عشرين روحاً أفضت إلى بارئها رحمهم الله جميعاً وتقبلهم في الصالحين، رحلوا وبقيت ذكراهم عالقة في نفوسنا وسيرتهم الطيبة تعطر مجالسنا، رحلوا وما مللنا أحاديثهم ولا أكتفينا من مجالسهم، طرق الموت أبوابهم دون استئذان، أخذ شيوخنا وما زالت في انفسنا أسئلة نود سؤالهم عنها، وقصص من ماضيهم لم نستوثقها منهم، و نصائح ثمينة كنا نتمنى الاستزادة منها.
اختطف الموت شبابنا بحوادث وعوارض، قبل أن نحسن التواصل معهم، كنا نود ان نتقرب منهم أكثر نسدي لهم معروفاً، نتصالح ونتسامح، ونعتذر عما بدر منا، ولكن القدر كان أسرع، ما أغنت عنا دنيانا شيئاً، لم تنقطع أشغالنا ولن تنتهي أعمالنا، ولكن عندما نفقد حبيبا على غفلة منا حينها ندرك كم كنا مقصرين، وعن الموت غافلين، فهل نتدارك ما بقي؟
لعمرك ليس فوق الأرض باقٍ .. ولا مما قضاه الله واقٍ

محمد بن حسن آل مشاري
(aboasem@gmail.com)
 0  1  1446