×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

(الله لا يهينك) مفهوم قد لايدركه الطفل

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومَن تَبِعَهُم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
(الله لا يهينك)جملة سمعها مني ابني قلتها عندما سلم عليه أحد كبار السن , وكثيراً ما نسمع هذه المقولة عندما يسلم الكبار على صغار السن فنقول له من باب المجاملة أو تقديراً لإنحنائه إلى مستوى الطفل (الله لا يهينك) وقد سألني إبني لماذا قلت هذا؟ وهل هذا الأمر فيه إهانة للرجل حينما سلم علي؟

ولما لهذه التساؤلات البريئة أحياناً من أهمية لدى النشء وضرورة الإجابة عليها دون إهمال , فإنه يجب علينا أن نقتبس من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم نبراساً نهتدي به ,فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحث الناس على رحمة الصغار والعطف عليهم وتقبيلهم والإهتمام بهم عند لقائهم وليس التكبر عليهم والإعتقاد بأن السلام عليهم يتنافى مع الهيبة والوقار الذي يفضي إلى الإهانة والتقليل من الشأن بمجرد النزول إلى مستوى الطفل وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم على عظم قدره، وعلو منزلته، هو الذي يبدأ بالسلام على الأطفال حباً لهم، ورِفقاً بهم، وتلطفاً معهم، ولإشعارهم بمكانتهم وإعطائهم الثقة بأنفسهم، وقد مدحهم وأثنى عليهم، كما فعل مع ابن عمر-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وقد كان لا يكثر عتابهم ويعذرهم ويرفق بهم؛ كما فعل مع أنس بن مالك-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-. وكان لا يأنف من الأكل معهم، ومع ذلك لو رأى منهم مخالفة للأدب، فكان ينصح لهم ويأمرهم بما يصلحهم، فقد نصح عمرو بن أبي سلمة بآداب الطعام بلين ورفق ورحمة، لما رأى منه مخالفة الأدب. وكل هذا الاهتمام منه صلى الله عليه وسلم بالأطفال جاء لعلمه بأنهم في أشد الحاجة إلى الرعاية والعطف والحنان أكثر من غيرهم، وذلك لتنمية ثقة الطفل بنفسه حتى ينشأ قوياً ثابت الشخصية، مَرِحَاً عَطُوفاً على غيره، عضواً فَعَّالاً في مجتمعِهِ. فلماذا لا نستبدل هذا العبارة المتداولة على نطاق واسع في مجتمعنا السعودي كثيراً بكلمة لها مدلولها الإيجابي الذي يتناسب معها مثل (جزاك الله خيرا) بدلاً من العبارة السابقة التي توحي للطفل بأن سلام الكبير عليه يعد بمثابة التنازل الذي يتساوى مع الإهانة لمن ألقى السلام حتى وإن كنا إجمالاً نعي معناها ومقصدها ولكن تبقى المعاني في مفاهيم الأطفال مرتبطة بالمعنى الحقيقي لكلمة (إهانة) ومثار تساؤل مهما تعددت أوجه الفهم لدى عامة الناس .

هذا والصلاة على من أرسل رحمة للعالمين .
 0  0  1908