×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

إنا كفيناك المستهزئين

التحرير
بواسطة : التحرير

إنا كفيناك المستهزئين
الجمعة 15/2/1429هـ



الحمد لله رب العالمين؛ خلق خلقه فدبرهم، وشرع لهم من الدين ما يصلحهم [صِبْغَةَ الله وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ] {البقرة:138} نحمده على هدايته، ونشكره على رعايته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله؛ اصطفاه الله تعالى للعالمين رسولا، وزاده رفعة وتفضيلا، فهو صاحب الحوض والفضيلة والشفاعة والوسيلة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، خير صحب وآل، والتابعين لهم بإحسان.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] {المائدة:35}.
أيها المؤمنون
خرج أبو سفيان بن حرب , و صفوان بن أمية , و غيرهما في موكب من مواكب الكفر و الإلحاد , خرجوا يقودون خبيب بن عدي رضي الله عنه مكبلاً بقيوده ,خرجوا به و هم لا يريدوا أن ينتقموا من الأسير نفسه , و لكن الحقد الذي ملأ جوانحهم و دفعهم لأخذ ذلك الأسير إلى ساحت الموت , هو الانتقام من خير خلق الله أجمعين , و لما وصلت تلك الجموع بأسيرها إلى المكان المعد لقتله , قال لهم بعزة و ثبات : إن شئتم تتركوني أركع ركعتين قبل مصرعي فافعلوا , فأذنوا له , فلما انفتل منها قال : و الله لولا أن تظنوا أني أطلت الصلاة جزعاً من الموت , لاستكثرت من الصلاة , فأخذوا يمثلون به فيقطعون من جسده القطعة تلو الأخرى , و هم يقولون له أتحب أن محمداً مكانك و أنك ناج في أهلك ؟ فيقول و الدماء تنزف منه و الأشلاء تستأصل من جسده : و الله ما أحب أن أكون وادعاً في أهلي و ولدي , و أن محمداً يوخز بشوكة . فيلوح الناس بأيديهم في الفضاء , بحقد و ضغينة , و يتعالى صياحهم : أن اقتلوه .... اقتلوه .....
رضي الله عنك يا خبيب و أرضاك , هكذا كانت تضحيات أصحاب المصطفى (ص) , يا لها من تضحيات , واجهوا بها تلك العداوات , لأنهم كانوا يحبونه حباً صادقا , و يجعلون أرواحهم على كفه الشريف , يضعها حيث يشاء , حتى قال أبو سفيان ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً , أحبوه لأنه أخرجهم من الظلمات إلى النور , أحبوه لأنه ملأ الدنيا عدلاً و إحسانا , بعد أن ملأت جوراً و عدوانا ,
و لكن القلوب المريضة , التي سكنت صدور المشركين , و أذنابهم من المنافقين , تقود أصحابها لبغض الخير و الصلاح , و محاربة العدل و السلام , الم يقل المنافقون إنما نحن مصلحون , و الله يقول عنهم ألا إنهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون , إنهم يدعون إلى الخنا و الرذيلة , و يحاربون العفة و الفضيلة , وكذلك هم أهل الكفر دوما , ألم يعلنوا الحرب على من بعثه الله رحمة للعالمين , و هم يتبجحون ليل نهار , بحب السلام و الدعوة إلى الوئام , ماذا فعل بهم نبي الله ليحاربوه ؟ لماذا يستهزئون به بابي هو و أمي ؟ لقد علم أهل الكفر جمعا كما علمت قريش من قبلهم أن أتباع محمدٍ (ص) يحبونه حباً شديداً , و يفدونه بأرواحهم و ما ملكت أيمانهم , فكان الحل الوحيد الذي يغيضون به المؤمنين في كل صقع و وادي , هو التعرض لشخص المصطفى (ص) , فهاهي الحملات المسعورة , الهجمات المستفزة , تتجه بين كل حين و آخر للنيل من رسول الهدى (ص) و دين الله عز و جل الذي أرسل به محمدا (ص) ليدعو و يبشر به العالمين ,فقد توالت في زماننا حمالات الاستهزاء , و النيل من سول الهدى , بل صارت هذه السخرية تحمى بقوانين الدول , و يحق لكل أحد أن يتهكم بمحمدٍ (ص) بدعوى حرية التعبير , و ها هي الحملات تتكرر و تزداد , حنقاً و غيظاً على هذا الدين العظيم , و جهلاً به و بحقائقه الناصعة , و تجاهلاً لميار و خمسمائة مليون مسلم يدبون على ظهر البسيطة , و غيظاً من أهل الكفر و العدوان حين يرون هذه الأمة الولود تتزايد و يتكاثر الداخلون في دينها بإعلان إسلامهم لله , و استسلامهم بين يدي الله , و خضوعهم لدين الله , الذي بعث به النبي الخاتم (ص) بشيراً نذيراً , و داعياً إلى الله بإذنه و سراجاً منيراً, ها هي الدنمرك تعيد الكرة أخرى , و تهزأ بنور القلوب و دوائها , و جلاء الأبصار و ضيائها , قاتل الله الكفر من ملة , فما زال الحقد يلاحق رسول الهدى بعد موته بأربعمائة و ثمانٍ و عشرين عاما , إنه الحقد الذي غرسه أسلافهم , و البغض الذي أرسى دعائمه أجدادهم , فبغض الحبيب ليس بأمر جديد , ففي التاريخ لنا منه العبر , فقد كان أبو لهب يكن العداء للنبي (ص) كثير الأذى له , حتى إنه كان يطرح الأذى و النتن على باب النبي (ص) إذ كان مجاوراً له , و كان النبي (ص) إذا وجد ذلك يقول ( أي جوار هذا يا بني عبد المطلب ) . فمات أبو لهب شر ميتة , حتى إنهم لم يقدروا على تغسيله فصبوا عليه الماء من بعيد , من شدة رائحته الكريهة , فإلى جهنم و بئس المهاد , و سار على نهج أبي لهب زوجته أم جميل , التي سميت في القرآن بحمالةِ الحطب , فكان جزاء أذيتها أن في جيدها حبلٌ من مسد .
و هذا أبي و أمية ابنا خلف كانا من أشد الناس أذية لرسول الله (ص) و استهزاء بدين الله , إذ جاء أبي إلى رسول الله (ص) و في يده عظم ففته بيده و قال : زعمت أن ربك يحيي هذا العظم , قال نعم و يدخلك النار , فنزل قوله تعالى { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ{78} قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ }يس فهلك أمية يوم بدر مرذولاً مخزيا شر ميتة , و هلك أخوه أبي بطريق مكة حين ضربه الرسول (ص) بحربة في ترقوته فهلك بها ليدخل النار و بئس القرار , و هذا أبو جهل و العاص بن وائل و الوليد بن المغيرة و عقبة بن أبي معيط و غيرهم كثير , ممن أخزاهم الله و قتلهم شر قتلة , لأنهم أذو رسوله ,
فلا عجب من هؤلاء الأرجاس أن يسخروا ممّن بعثه الله رحمة للعالمين ,
ونوراً للسالكين , و ضياء للمستنيرين , لا عجب منهم ! فقد تجرؤا على الخالق العظيم , الذي خلقهم و أعطاهم , و حفظهم و رعاهم , فوصف الله حالهم و كفرهم و عنادهم فقال {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء }آل عمران181
فهل من عجب بعد ذلك لأن يؤذي أمثالهم الأنبياء { سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ }آل عمران181
فلا عجب و الله أن يصدر من أمثال هؤلاء أذى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }الأنعام112
لكن العجب أن لا ينتصر أهل الحق لرسول الله (س) و الله يقول {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25
أعجزنا عن نصرة رسول الله (س) و لو بأقل القليل , هل تمعرت وجوهنا غضب للمصطفى (س) , أم أن القلوب بردت بين جوانحنا , فماذا نرجوا من قلوبنا إن لم تتحرك غضباً للحبيب (ص) , و والله لو نوزع أحدنا في جاهه أو ماله أو بعض شأنه , لأقام و ما أقعدها .
عبد الله
ما هي منزلة رسول الله في قلبك أوَما سمعت حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي (س) : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده و ولده , و الناسِ أجمعين .
و حديث عبد الله بن هشام رضي الله عنه الذي قال فيه : كنا مع النبي (س) و هو آخذٌ بيدِ عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه , فقال لهُ عمرُ : يا رسول الله ! لأنتَ أحبُ إلي من كل شيء إلا من نفسي . فقال النبي (س) : لا و الذي نفسي بيده ! حتى أكونَ أحبَّ إليك من نفسك . فقال له عمرُ : فإنه الآن و الله لأنت أحبُّ إلي من نفسي . فقال النبي (ص) : الآن يا عمر .
نعم هكذا فلتكن محبة المصطفى (ص) , كيف لا نحبه و حياته كانت لنشر توحيد الله , أضاءت لنا الدنيا بمحمد (ص) , و جهنا و أرشدنا , نصحنا و هدانا , بابي أنت و أمي يا رسول الله يقرأ قول الله تعالى {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }المائدة118
فيرفع يديه و يقول : اللهم أمتي و يبكي , فقال الله يا جبريل , اذهب إلى محمد و ربك أعلم فاسأله : ما يبكيه ؟ فأتاه جبريل , فسأله , فقال اللهم أمتي , فقال الله يا جبريل , اذهب إلى محمد فقل : إنا سنرضيك في أمتك و لا نسوؤك .
و في يوم القيامة حين يقول كل نفسي نفسي , ياتي الناس الى الأنبياء ليشفعوا عند ربهم , فكل يقول نفسي نفسي , أما محمد (س) فيقول
أمتي يا رب , أمتي يا رب , أمتي يا رب
إنه محمد (ص) الذي أظلم كل شيء بالمدينة لفراقه
فبكّي رسول الله يا عين عبرة # و لا أعرفنك الدهر دمعك يجمد
فجودي عليه بالدموع و أعولي # لفقد الذي لا مثلُه الدهر يفقد
و ما فقد الماضون مثل محمد # و لا مثله حتى القيامة يفقد
اللهم انتصر لمحمد بن عبد الله , اللهم انتصر له يا قوي يا عزيز , اللهم انتقم ممن سخر به , اللهم رنا فيهم عجائب قدرتك , يا ذا القوة و الجبروت ,
أقول ما سمعتم واستغفر اله لي و لكم ولسائر المسلمين فاستغفروهو ارجوه إنه هو الغفور الرحيم .



الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه , و أشهد أن لا إله غلا الله تعظيما لشأنه , و أشهد أن محمد عبد الله و سوله الداعي على رضوانه , صلى الله عليه و على آله و أصحابه و إخوانه و سلم تسليماً مزيداً إلى يوم الدين .
أما بعـــــــد
فإن واجبنا إزاء هذه الحملات , و رداً على تلك الاعتداءات
أولاً : يجب علينا تصحيح أخطائنا , و اتباع سنة نبينا الذي نزعم حبه {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31
فلنأمر بالمعروف , و لنكر المنكر , لنكر المنكر الذي اصبح منتشراً , بل أصبح المنكر له مغموزاً مهموزاً من الناس , لماذا يتدخل , لماذا لا يترك الناس و حالهم , لماذا انتشر هذا المبدأ الذي لا يمت لدين الله بصلة , انتشر لأننا بعدنا عن سنة نبينا (ص) .
ثانياً : يجب علينا مدافعة الباطل و أصحابه فهاهم أهل النفاق تكالبوا مع إخوتهم من الكفرة الملحدين , يريدون أن ينقضوا الدن عروة عروة , ليصلوا إلى مرادهم وليحققوا أمالهم , و لن يصلوا لمطالبهم إلا بتنازلاتنا , و بعد عن ديننا , لا يريدون أن يخرجوا المرأة إلا من بيوتنا , لا يريدون إدخال الفساد إلا إلى بيوتنا , لا يريدون أن يهدموا غير بيوتنا ,
فإذا أردنا هدم أمالهم , و تحطيم أحلامهم , فلا حل غير اتباع محمد(ص) , و الاستنان بسنة محمد (ص) , فاعموا ما يراد بكم يا عباد الله و كونوا على حذر منهم قاتلهم الله .
ثالثاً : علينا أن نقاطع منتجات القوم , نقاطعها نصرةً لحبيبنا (ص) , نقاطعها لأن نفوسنا تأبى الضيم , و لا ترتعن في غير مواطن العزة , نقاطها لأنها خرجت من ديارٍ تسخر بنا و بنبينا و بديننا , خرجت أرض كنا العداء لنا , خرجت من أرض تنجست بنجاسة نفوس أصحابها , و تدنست بدناسة أفعالهم , نقاطهم لأنا نتعبد الله ببغضهم , قاطعوهم قطهم الله و شتت شملهم , و فرق بين الأمم جمعهم , و جعلهم عبرة للمعتبرين , و آيةً للمتعظين , و علامة على المستهزئين الحاقدي .
هذا و صلوا ....
اللهم أعز الإسلام ......
اللهم رد الأمة إليك رداً جميلا , اللهم وفقنا لاتباع سنة نبيك , و السير على خطى وليك و عبادك الصالحين يا رب العالمين .
اللهم يا من يعلم حالنا , و يسمع سرنا و نجوانا , و يرى ما حل بنا و دهانا , اللهم يا من رحمته و سعت كل شيء , يا رحمن يا رحيم , أنزل علينا الغيث ......ربنا آتنا في الدني حسنه ....
سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين
بواسطة : التحرير
 0  0  2770