×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

النار

التحرير
بواسطة : التحرير
النار
الجمعة 30/ 3/1430هـ


الحمد لله الذي خلق الجنة و النار , و خلق لكل واحدة منهما أهلاً و أصحاباً , و جعل الجنة دار أوليائه , و النار دار أعدائه , و الصلاة و السلام على خاتم رسله , و أشرف خلقه الذي جاء إلى الجنة داعياً , و في نعيمها مرغبا , و من النار و عذابها مخوفا و محذراً و مرهباًَ .
و أصلي و أسلم على آل الرسول و صحبه و تابعيهم بإحسان , الذي أعدوا للأمر عدته , و أخذوا له أهبته , فأسهروا ليلهم يصلون , و يستغفرون , و يناجون الله , و يرتلون كتابه , و أظمؤا نهارهم تقربا إلى الله بالصيام , لأنهم علموا أن الأمر جد , و لا نجاة من النار , و لا فوز بالجنة إلا بالتشمير عن ساعد الجد .

عباد الله
إن الدار التي أعدها الله للمكذين به , المتمردين على شرعه , المكذبين لرسله , هي الخزي الأكبر , هي الخسران العظيم , لا خزي فوقه , و لا خسران اظم منه {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }آل عمران192 { قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }الزمر15
كيف لا تكون النار كما وصفنا و فيها من العذاب و الآلام و الأحزان , ما تعجز عن تسطيره أقلامنا , و عن صفته ألسنتنا {إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً }الفرقان66
قال عليه الصلاة و السلام ( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ) رواه البخاري
و قال عليه الصلاة و السلام : لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ,
و لضحكتم قليلا .
وفي صحيح مسلم والسنن والمسند . من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لما خلق الله الجنة والنار ، أرسل جبرائيل إلى الجنة ، فقال : اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها . فذهب فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها ، فرجع فقال : وعزتك ، لا يسمع بها أحد إلا دخلها . فأمر بالجنة ، فحفت بالمكاره ، فقال : ارجع فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها . قال : فنظر إليها ، ثم رجع فقال : وعزتك ، لقد خشيت أن لا يدخلها أحد . قال : ثم أرسله إلى النار ، قال : اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها . قال : فنظر إليها ، فإذا هي يركب بعضها بعضا ، ثم رجع فقال : وعزتك ، لا يدخلها أحد سمع بها . فأمر بها فحفت بالشهوات ، ثم قال : اذهب فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها . فذهب فنظر إليها ، فرجع فقال : وعزتك ، لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها » .
أيها المؤمنون و بوعد الله انتم مصدقون
يقوم على النار ملائكة خلقهم عظيم , و بأسهم شديد , لا يعصون الله الذي خلقهم و يفعلون ما يؤمرون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6
غلاظ شداد على أهل المعاصي , لا يعصون الله طرفة عين , يقومون على نار شاسعة واسعة , بعيد قعرها , مترامية أطرافها , يدخلها أقوام لا يحصيهم إلا الله , يلقى الحجر من شفيرها , فلا يبلغ قعرها سبعين عاما , يؤتى بها و لها زفير و شهيق , قال عليه الصلاة و السلام : يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا .
و هذه النار العظيمة متفاوتة في شدة حرها و ما أعدها الله من العذاب لأهلها , لها سبعة أبواب {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ }الحجر
و النار تتكلم و تبصر , فإذا رأت أهلها و هم قادمون إليها أطلقت أصوات مرعبة , غيظاً و حنقا على المجرمين {إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً }الفرقان12
و روى ابن جرير عن ابن عباس قال: إن الرجل ليجر إلى النار، فتنزوي وينقبض بعضها إلى بعض، فيقول الرحمن: ما لكِ؟ فتقول: إنه يستجير مني، فيقول: أرسلوا عبدي، وإن الرجل ليجر إلى النار فيقول: يا رب: ما كان هذا ظني بك، فيقول الله: ما كان ظنك؟ فيقول: أن تسعني رحمتك، فيقول: ارسلوا عبدي، وإن الرجل ليجر إلى النار، فتشهق إليه النار شهوق البغلة الى البعير، وتزفر زفرة لا يبقى أحدً إلا خاف. قال ابن كثير إسناده صحيح.
عباد الله
لقد أثرت النار على الدنيا و ساكنيها , فيكيف بمن حكم عليه بالبقاء فيها , روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( اشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعضي بعضا فأذن لي بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير )
و جاءت نصوص كثيرة وافرة دالة على كثرة من يدخل النار من بني آدم , و قلة من يدخل الجنة منهم , لقوله تعالى {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }يوسف103 و قال جل في علاه { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }السجدة13
و روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( أول من يدعى يوم القيامة آدم فتراءى ذريته فيقال هذا أبوكم آدم فيقول لبيك وسعديك فيقول أخرج بعث جهنم من ذريتك فيقول يا رب كم أخرج فيقول أخرج من كل مائة تسعة وتسعين ) . فقالوا يا رسول الله إذا أخذ منا من كل مائة تسعة وتسعون فماذا يبقى منا ؟ قال ( إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود )
و سبب كثرة أهل النار هو قلة الاستجابة لأمر الله , قال ابن رجب : فهذه الأحاديث و ما في معناها تدل على أن أكثر بني آدم من أهل النار , و تدل أيضا على أن أتباع الرسل قليل بالنسبة لغيرهم .
و لعل أعظم الأسباب هو اتباع الشهوات , لأن حبها مغروس في أعماق النفس {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14
عباد الله
هذا و للظالمين في النار , عذاب تهول له العقول , و تشيب له الرؤوس ,
و يحار في كتابته البيان , فساكنوا النار أجسامهم عظيمة عن أبي هريرة : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا وإن ضرسه مثل أحد وإن مجلسه من جهنم كما بين مكة والمدينة .صححه الألباني .
يأكل أهل النار طعاماً بشعا {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ }الغاشية6
و إذا أكل أهل النار هذا الطعام الخبيث , من الضريع و الزقوم غصوا به لقبحه و خبثه و فساده {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً }المزمل13
و شرابهم الحميم { وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ }محمد15 { وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }الكهف29
و منهم من يطعمه الله جمر جهنم جزاءاً وفاقا {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً }النساء10 و لباسهم من النار , يفصل لهم تفصيلا { فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ }الحج19

أيها المؤمنون
النار عذابها شديد , و فيها من الأهوال و ألوان العذاب ما يجعل الإنسان يبذل في سبيل الخلاص منها نفائس الأموال {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ }آل عمران91
و في صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ ... الحديث ».
إنها لحظات قليلة تنسي أكثر أهل النار كلَّ أوقات السعادة و الهناء و في الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا لَوْ كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهَا فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُ قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِى صُلْبِ آدَمَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ - أَحْسَبُهُ قَالَ - وَلاَ أُدْخِلَكَ النَّارَ فَأَبَيْتَ إِلاَّ الشِّرْكَ ».
إنه عذاب شديد فقد حدثنا رسول الله (ص) عن أخف أهل النار عذابا , ففي صحيح مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلاَنِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِى الْمِرْجَلُ مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا وَإِنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا ».
إن نار الجبار تحرق جلود أهل النار , و الجلد موضوع الإحساس بألم الاحتراق , و كلما احترق جلد أبدل بجلد آخر {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً }النساء56
أهل النار يصب الحميم من فوق رؤوسهم , تذوب منه أمعاؤهم و ما حوته بطونهم { فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ }الحج20
أخرج التمذي من حديث أبي هريرة : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن الحميم ليصب على رءوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد كما كان .
و من إهانة الله لأهل النار , أنهم يحشرون يوم القيامة على وجوههم
{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً }الإسراء97
النار تلفح و جوههم , لا يجدون عنها محيصا , و لا يجدون حائلا يحول بينهم و بينها {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ }الأنبياء39 و انظر إلى هذا المنظر الذي تقشعر لهوله الأبدان {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا }الأحزاب66
مواقف تكثر فيها الحسرات و الآهات { وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }يونس54
يتكرر دعاؤهم بالويل و الهلاك عندما يلقون في النار {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً }الفرقان14 هناك يعلوا صراخهم و يشتد عويلهم , و يدعون ربهم آملين في الخروج من النار {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }فاطر37
يتوجه أهل النار بعد ذلك بالنداء إلى خزنة النار , يطلبوم منهم أن يشفعوا لهم , كي يخفف الله عنهم شيئاً مما يعانونه {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ }غافر50
إذا قنطوا من الخروج من العذاب , و أيقنوا بالزيادة على ما هم فيه , توجهوا إلى الله يسألونه أن يهلكهم {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ }الزخرف77 لا خروج من النار و لا تخفيف من عذابها , هناك يشتد نحيبهم , و تفيض دموعهم , و يطول بكاؤهم {فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }التوبة82
إنهم يبكون حتى تنقطع الدموع , ثم يبكون دما , عن أنس بن مالك مرفوعا : يرسل البكاء على أهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع , ثم يبكون الدم حتى تصير في جدودهم كهيئة الأخدود , لو أرسلت فيه السفن لجرت .
و استمع إلى عويلهم و هم يرددون حال العذاب {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا }الأحزاب67
اللهم أجرنا من النار , اللهم أجرنا من النار , اللهم أجرنا من النار
أقول ما سمعتم ....



الخطبة الثانية

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد
فيا عباد الله
سمعنا ما تشيب له الولدان , و تدمع له العينان , و تقشعر له جلود أهل الإيمان .
فكيف الخلاص و كيف النجاة , النجاة بالإيمان بالله و العمل الصالح ,
و قد فصَّلت النصوص هذا الموضوع و لعلنا نعرج على بعضها , لمن أراد الخلاص و النجاة .
فمما ينجي من النار محبة الله فعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله (ص) : و الله لا يلقي الله حبيبه في النار . صححه الألباني
و الصيام جنة من النار قال عليه الصلاة و السلام : قال الله تعالى : الصيام جنة يستجن به من النار . صححه الألباني
و منها مخافة الله {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }الرحمن46
و عند الترمذي من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يلج النار رجل بكي من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جنهم . صححه الألباني
و قال عليه الصلاة و السلام : من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة : اللهم أدخله الجنة و من استجار من النار ثلاث مرات قالت النار : اللهم أجره من النار .
و غيرها مما ينجي من النار و يدخل جنة الأبرار , فيا من تريد النجاة , عليك بطاعة الرحمن , و اجتنب المعاصي و الآثام , و احذر من التسويف , فأكثر ندم أهل النار , من سوف و أخواتها , و بادر بالتوبة و الرجوع , فالله كريم و هو بنا رحيم , و يحب التائبين جل في علاه .
هذا و صلوا .... عباد الله إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون , فاذكر الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم و لذكر الله أكبر و الله يعلم ما تصنعون

بواسطة : التحرير
 0  0  2694